على ضفاف نهر العاصي، وفي قلب بساتين مدينة "القصير" التي تبعد عن مدينة "حمص" /35/كم تقريباً، تسكن طاحونة "أم الرغيف" التي اعتاد سكان هذه المنطقة على الاستزادة منها بالطحين الناعم لأعوام طويلة جداً، حيث يرجّح سكان المنطقة أن عمر الطاحونة يعود إلى العصر الروماني لذلك تدعى "الطاحونة الرومانية".
موقع eHoms زار طاحونة "أم الرغيف" بتاريخ 15/12/2008 والتقى بالسيد "أحمد مسرّة" وهو صاحب الطاحونة والمشرف على أعمالها، حيث حدّثنا عن تاريخ هذه الطاحونة وكيفية عملها.
في البداية حدّثنا السيد "أحمد" عن تاريخ الطاحونة فقال: «لا يستطيع أحد تحديد تاريخ طاحونة "أم الرغيف" بدقّة، فالمعلومات التاريخية حولها قليلة جداً. وبالنسبة لنا في العائلة فقد توارثنا هذه الطاحونة من خلال أبائنا وأجدادنا، كما توارثنا العمل فيها أيضاً. فهذه الطاحونة ما زالت تعمل حتى الآن، بغض النظر عن بعض الأمور التي تحتاج فيها إلى الإصلاح الفني. فالمطاحن الحديثة أصبحت تلبّي حاجات الناس من الطحين بشكل أضخم وأسرع، ولكن هذا لم يمنع الناس من التمسّك بالطاحونة القديمة في تسيير أمورهم اليومية».
وعن عملية طحن القمح في الطاحونة الأثرية ومحتوياتها فقال: «تحتوي الطاحونة على ثلاثة أحجار "درص" ضخمة، مؤلفة من حجرين لكل واحدة. تعمل النواعير الموجودة في أسفل الطاحونة على تحريك هذه الأحجار من خلال المسننات المثبتة فيها، والمدفوعة بفضل حركة مياه نهر العاصي. عند ذلك تتحرك الأحجار الثنائية والتي تكون "محززة" بشكل متعاكس، حسب نوع الحبوب التي ننوي طحنها، فهناك أحجار خاصة للقمح الناعم والخشن وأحجار خاصة للبرغل، بحيث يكون الدلو الخشبي مثبّت أعلى الحجر فيقوم بإنزال الحبوب في المنتصف، ليقوم برشق الطحين جانبه وبهذا تكتمل عملية الطحن. هذا بالنسبة للقمح أما بالنسبة للبرغل فإننا نضعه أولاً في مجرى خاص لغسله بالماء التي تأتيه من خلال "الدقاقة" التي تسحب المياه من النهر مباشرةً. وبعد أن يتم غسله يتحول مباشرةً إلى عملية الطحن المعتادة.
وحالياً تقوم الطاحونة بإنتاج "4 شوالات" طحين ناعم يومياً أي بما يعادل "1طن" وهذا إنتاج جيد بالنسبة لطاحونة بهذا العمر، وهو من أهم ما يميزها أيضاً».
وإلى جانب طاحونة أم الرغيف تستريح "قنطرة القصير" الأثرية والتي لها تاريخ طويل أيضاً، حدّثنا السيد "مسرّة" حولها فقال: «قنطرة القصير الأثرية تعود إلى أكثر من /2400/عام ويقال أنها من العصر الروماني، وهي عبارة عن جسر ارتفاعه أكثر من /4/أمتار، يمر فوق نهر العاصي بطول /4/ أمتار أيضاً، وهذه كله تقريبي. والهدف منها إيصال منطقة بأخرى من خلال نهر العاصي، وسميت بالقنطرة لأنّها بالفعل على شكل قنطرة دائرية، وإلى جانبها تجري مياه النهر من خلال السد الذي يسبقها، حيث تجتمع المياه خلف السد لتتسرّب منه من خلال الفتح الموجودة فيه، فتصل المياه بشكل قوي يحرّك نواعير الطاحونة الحالية والطاحونة الأخرى التي كانت موجودة سابقاً إلى جانب القنطرة».
يُذكر أن مدينة القصير اشتهرت بكثرة المطاحن الموجودة فيها عبر التاريخ وذلك بسبب مناخها المساعد على زراعة محاصيل القمح والبرغل التي تحتاج إلى الطحن.